لم تُعِد ولن تعود !

:تقول 

 ! ها هى أمى ترفع يداي وتقبلهما وهى تبكى , اسمع نحيبها , أريد أن امسح دموع عينيها المنهمرة , لا استطيع 
 .لم تعد ذراعاى قادرة ع الحركة
أراهم جميعاً - كل من حولى - أبى وإخوتى وبعض أقاربى .. يبكون .. ابتسم لهم ; لكنهم لا يرون ابتسامتى . أحدثهم .. أقول : كفى  بكاءً و نحيباً فـ موعدنا قريب بإذن الله .. لكنهم لا يسمعون صوتى ... لقد خارت قوتى 
!أريد ان أشاركهم البكاء , لا أجد فى مدمعى شيئاً
  
كانت دائماً تفكر فى موقفٍ كهذا , كيف سيكون ؟ كيف ستشعر حينها ؟ 

تتذكر خلال دراستها الجامعية , كان لها مدرسٌ جامعى شغوف بأمرِ الروح للدرجة التى أوصلته لصناعة مادة إذاعية تتحدث عنها من خلال النظرة الطبية . ذات يومٍ , شاهدته يقول : لم يتم الوصول إلى الآن عن مكان الروح أو ماهيتها .. ربما يعتقد البعضُ أنها القلب , ولكن ما تفسير حياة القلب التى تستمر إذا ما مات صاحبه .. ومنهم من قال : إنها الهواء ! لكن ما نفع أجهزة التنفس إذ لم تُعد من مات بجلسة تنفس 
رغم كل التقدمات الطبية والعلمية حتى المحاولات منذ القِدم باءت بالفشل , فـ قد ذكر التاريخ لنا محاولة " فردريك الثانى " ملك صقلية , فى القرن الثالث عشر فى حبس رجل فى تابوت حتى الموت ليتأكد أن روحه لن تخرج إليه وتؤذيه وكانت هذه أولى المحاولات للتحدث عن الروح 
ثم جاء الجراح الأمريكى " دنكان ماكدوجال "و زعم أن الروح تحتل حيزاَ من الفراغ , وهى خفيفة جداَ ولذلك تطفو بعد الموت . لذلك قام فى عام 1907 بوزن ستة محتضرين لمرض الدرن عن طريق وضعهم على أسِرة متصلة بميزانٍ حساس ولاحظ أنَ كلاً منهم فقد وزن بعد الموت وهو 21 جم , فافترض أن هذا هو وزن الروح . ولكن فى الأوساط العلمية لم تٌقبل , حيث اُعتُبر هذا وزن الهواء بالرئة 
و هناك من حاول تصوير الروح بأشعة ( رونتجن ) ولكنها لم تصل لنتيجة , ومن حاول وزن الحامل حين تبدأ الروح بسكن جسد مولودها 
كل هذا باء بالفشل مما يعيدنا لمرجعنا الأول والأخير حيث قال الرب -عزوجل- لنبيه :
"وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي "
فـ الله -سبحانه وتعالى- لم يُفضِ بسرها لأحدٍ من أنبيائه , لعل أمرها عظيم يصعب تخيله على عقلٍ بشرى مهما بلغ علمه كان الرد :
"وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا"

!نغامر جميعاً نفس الرحلة دون اختيار وبدون سابق معرفة بجدولها الزمنى 
و رغم تعرضنا المتكرر لمحاولات الموت البائسة فى اقتناص أرواحنا و وعودنا بأن نستقيم ونكون على درب الصالحين فيما بعد , فـ لا الدنيا تتركنا نحتَضِر بقلبٍ أمِنَ نتيجة المغامرة و لا نحن نستقيم

~فـ لنخفف وطئة الندمِ قبل فوات الأوان~ 

!و ها هى يحملونها على الأكتاف لتُودع فى مآواها الأخير , ولا زالت تبتسم لهم ولا يرون ابتسامتها

!سامح الله من سبقونا , فـ هم لم يعودوا ليقصوا لنا ما حدث

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قبل أن ألتقيك ، لم نكن غرباء .

ذكرى تأبى الاحتراق

قولبت قالبها